منـتـدى التميــــــ لكل ماهو جديد ـــــز
مدينه منف واثارها 11110
منـتـدى التميــــــ لكل ماهو جديد ـــــز
مدينه منف واثارها 11110
منـتـدى التميــــــ لكل ماهو جديد ـــــز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منـتـدى التميــــــ لكل ماهو جديد ـــــز

أجدد الاسلاميات & وأحدث الافلام & وأحدث البرامج & وأروع الالعاب & تعليمى
 
الرئيسيةمدينه منف واثارها I_icon16البوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاءتسجيل دخول الاعضاء

 

 مدينه منف واثارها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاداره العامه
مدير المنتدى
مدير المنتدى
الاداره العامه


ذكر
الحمل الحصان
عدد المساهمات : 545
تاريخ الميلاد : 05/04/1990
تاريخ التسجيل : 07/02/2010
العمر : 33
الموقع : منتدى التميز
العمل/الترفيه : المدير العام للمنتدى

بطاقة الشخصية
البرنس السيد: المدير العام للمنتدى

مدينه منف واثارها Empty
مُساهمةموضوع: مدينه منف واثارها   مدينه منف واثارها Emptyالخميس أبريل 07, 2011 3:58 pm

مدينه منف





مقدمه

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أو منف مدينة مصرية قديمة من ضمن مواقع التراث العالمي, أسسها عام 1300 قبل الميلاد الملك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وكانت عاصمة لمصر السفلي , ومكانها الحالي بالقرب منطقة سقارة على بعد 19 كم جنوب القاهرة وكانت منف معروفة بإسم "الجدار الأبيض" حتي القرن السادس والعشرين قبل الميلاد إلي أن أطلق عليها المصريون إسم " من نفر " وهو الاسم الذي حرفه الاغريق فصار "ممفيس"



مدينه منف

عندما تُذكر عواصم مصر القديمة على امتداد التاريخ المصري القديم في شمال البلاد ووسطها وجنوبها، تأتي عاصمة العواصم ’منـف‘ على رأسها كتاج على رؤوس العواصم جميعا .. مدينـة المدائـن التي شهدت توحيد قطري مصر على يد رجالها الأشداء من صعيد مصر وعلى رأسهم ’العقرب الثاني‘ (من ملوك الأسرة صفر) والملك ’نعرمـر‘ (رأس الأسرة الأولى)، حيث تم اختيار موقع هذه العاصمة (حوالي 3200 ق.م) بدقة متناهية لتلعب دورها السياسي والاقتصادي والاستراتيجي ولتصبح عاصمة للدولة القديمة على امتداد الأسرات من الأولى إلى الثامنة. وتصبح منـف منذ نشأتها مفتاح حركة الحياة في مصر، ففي ظلها ازدهرت الحياة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ونهضت العمارة والفنون والفكر الديني حيث كانت المعبر الرئيسي من شمال البلاد إلى جنوبها والعكس. وبعدما شهدت أول عمارة حجرية (في سقارة) وشهدت تطور المقبرة الملكية إلى أن وصلت إلى الشكل الهرمي، صارت جباناتها (جبانة منف الممتدة من ’أبو رواش‘ شمالاً حتى ’ميدوم‘ جنوباً) أشهر جبانات مصر قاطبةً. وإذا كانت منـف قد توقفت -لفترة محدودة- عن أن تلعب دوراً سياسياً مع نهاية الدولة القديمة، إلا أنها لم تفقد مطلقاً دورها كمركز ثقل في حركة الحياة في مصر القديمة .. فهي المدينة التي إليها وإلى معبودها ـتاح (صاحب إحدى نظريات خلق الكون ’نظرية منف‘ وأحد المعبودات المهيمنة على الحياة الدينية في مصر) سعى معظم ملوك مصر عبر كل العصور، يُكرِّسون الأبنية ويُقيمون المقاصير واللوحات تبرُّكاً بالمدينة وربها، وظلت بمثابة المرآة التي تعكس وجه مصر الحضاري. وعندما تعرضت مصر لرياح عاتية مُتمثّلة في كل الذين حاولوا غزوها، كان لمنـف دورها البارز في الصمود والكفاح، فكانت بمثابة المفتاح لكل بوابات مصر.. فما استطاع مستعمر لمصر القديمة أن يصل إلى عمق البلاد إلا إذا تمكّن من السيطرة على منـف. وقد ظلّت منـف تُعبّر دائماً عن حالة التوهّج للحضارة المصرية، و’الترمومتر‘ الذي يُعبّر عن معنويات شعب مصر إن ارتفاعاً أو هبوطاً، والملاذ دائماً عند كل الأزمات. وأدرك كل الغزاة موقع وموضع منف في قلوب وعقول المصريين، فكانوا يسعون إليها سلماً أو حرباً مُدركين أن السيطرة على منـف هي السيطرة على كل مصر، وعندما قَدِمَ الإسكندر الأكبر إلى مصر وأدرك قيمة منـف زارها وتبرّك بمعبودها واحتفل مع أهلها من المصريين تعبيراً عن الاحترام للتقاليد المصرية. وارتبط حكام مصر من البطالمة بهذه المدينة العظيمة، وحمل بعض ملوكهم لقب ’محبـوب بتاح‘ (ـتاح) ضمن أسمائهم التي ضمتها خراطيشهم .

نشاه مدينه منف

  • منذ نشأتها، تحمل مدينة منـف اسم ’إنـب حـﭻ‘ أي ’الجـدار الأبيـض‘، ثم تحمل ابتداء من الأسرة السادسة اسم ’مـن نفـر‘ ومعناه ’ثابـت وجميـل‘، ومنذ الدولة الوسطى يُطلق عليها اسم ’عنـخ تـاوي‘ أي ’حيـاة الأرضين‘ والمقصود بالأرضين هنا قطرا مصر (الوجهين البحري والقبلي)، ثم ’مخـات-تـاوي‘ أي ’ميـزان الأرضـين‘. ثم ابتداء من الدولة الحديثة يُطلق عليها اسم آخر، ألا وهو ’ميـت رهنـت‘ أي ’طريـق الكبـاش‘ (وهو فعلياً طريق تماثيل أبو الهول بين المدينة وجبانتها).. ذلك الاسم (ميت رهينة) التي تُعرف به منذ دخول العرب مصرَ في منتصف القرن السابع الميلادي (مائة رهينة؛ منية هينة؛ ميت رهينة) تلك القرية التي تتوسط الأطلال الأثرية لمدينة منف القديمة. كما ظهر أيضاً إبان الدولة الحديثة (وتحديداً الأسرة التاسعة عشر) ثلاثة أسماء أخرى للمدينة: اثنين يربطاها بمعبوديها الأكثر أهمية (الخالق ’ﭘتاح‘، و ’تاتنن‘: ’الأرض البارزة‘ من المحيط الأزلي)، فعُرِفت باسم ’نيـوت ﭘـتح‘ أي ’مدينـة ﭘـتـاح‘ و’نيـوت تاثـنن‘ أي ’مدينـة تاتـنن‘. أما الاسم الثالث فهو ’نيـوت-حـح‘ أو ’نيـوت-نحـح‘ أي ’المدينـة الأبديـة‘ أو ’المدينـة الخالـدة‘...، وغيرها من الأسماء والصفات والنعوت التي أُطلقت عليها كـ ’ﭘت-ن-كمت‘ أي ’سـماء مصـر‘، و ’حوت-كا- ﭘـتح‘ أي ’معبد قرين (روح) ﭘـتاح‘ وهو الاسم الذي تعلّق به المصريون فسمّوا معبد ومدينة ’دندرة‘: ’را-حوت-كا- ﭘـتح‘ تمييزاً عن نظيره في منـف .


  • منـف، مدينة المدائن في مصر القديمة والتي كانت عاصمة ’إنـب-حـﭻ‘ (الجدار الأبيض) أول أقاليم مصر السفلى ، حالياً هي مجموعة من الأطلال الأثرية في مساحة تقدّر بحوالي 600 هكتار (؟) تقع في سهل متسع حيث تلتقي مصر العليا بمصر السفلى، على بعد 25 كم من رأس الدلتا جنوب وسط القاهرة تقريباً، و 35 كم جنوب-وسط القاهرة على الضفة الغربية للنيل على بعد 3 كم منه، فيحدها النيل من الشرق بجوار التلال وأيضاً من الغرب بإحدى فروعه حيث الهضبة مرتفعة عن شرقها، وعلى بعد حوالي 14 كم بين أبو صير شمالاً ودهشور جنوباً، في الشمال عند ’كفر (كوم) القلعة‘، ويبعد موقعها عن أهرام الجيزة حوالي 17.5 كم تقريباً. تتبع حالياً العياط-مركز البدرشين بمحافظة الجيزة، بالقرب من المعادي و’محاجر كوتسيكا-طره-المعصرة‘ والعُمري (’رآو‘) وحلوان (’عنـو‘ القديمة، عزبة الوالدة ‘Ezbet al-Walda حالياً)، عند قريتي ’ميت رهينة‘ و’العزيزية‘ الحاليتين (58.8 ً 51 َ 29 ْ شمال خط الاستواء و 15.4 ً 15 َ 31 ْ شرق خط جرينتش) ، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة بهما، حدودها الشمالية عند بلدة ’المنوات‘، أما حدودها الجنوبية فتقع عند ’تل/كوم القلعة‘ (=دهشور)، وأنقاضها السكنية ومنطقة معابد أربابها التي يحدها حرم شاسع يطابق موقعها حالياً قرى ومدن ’العزيزية‘ ‘Aziziya ، ’عزبة الجابري‘ ‘Ezbet Gabri ، ’ميت رهينة‘ Mit-Rahina ، ’البدرشين‘ Al-Badrashin ، و’شِنباب‘ Shinbab ؛ مشتتة بأطلالها الأثرية وبجوارها حتى سـقارة Saqqara .


  • ولأهمية تلك المدينة، أُدرِجَ ’موقـع منـف القديمـة وجبّـانتهـا‘ المتراميـة الأطـراف ’مـن الجيـزة (33.8 ً 58 َ 29 ْ شمالاً، و 49.5 ً 7 َ 31 ْ شرقاً) إلـى دهشـور‘، برقـم (86) على قائمـة التـراث العالمـي WHC لمنظمـة اليونسـكو Unesco في 9 مارس/10 أبريل عام 1979 م اعتماداً على المعايير الثقافية الأول والثالث والسادس [Criteria: C (i) (iii) (vi)]، كما تم عمل ’تقـريـر تقييـم الموقـع‘ عام 1998 م [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .


واستشعاراً من المصري القديم بأهمية منـف وتفرُّدِها كعاصمة لمصر على مر العصور؛ أن أحد الكتبة عند حديثه عن المرسوم الملكي بتشييد مقر الرعامسة بشرق الدلتا وَصَفهُ مُشبهاً إياه بخلود منف قائلاً: ’المقـر الجديـد الذي أطلق عليه اسم ’عظيـم الانتصـارات‘ (ﭘر-رعمسيس) ...... هـو خالـد على مـرّ الدهـور على غِـرار مدينـة منـف‘.


تابع


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltamiz.yoo7.com
الاداره العامه
مدير المنتدى
مدير المنتدى
الاداره العامه


ذكر
الحمل الحصان
عدد المساهمات : 545
تاريخ الميلاد : 05/04/1990
تاريخ التسجيل : 07/02/2010
العمر : 33
الموقع : منتدى التميز
العمل/الترفيه : المدير العام للمنتدى

بطاقة الشخصية
البرنس السيد: المدير العام للمنتدى

مدينه منف واثارها Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدينه منف واثارها   مدينه منف واثارها Emptyالخميس أبريل 07, 2011 4:00 pm

موقع مدينه منف

  • إن موقع المدينةَ الجغرافيَ الرائعَ، على قمةَ الدلتا، وملتقى طرقِ تجارة الصحراءِ مِنْ المشرقِ والبحر الأحمرِ إلى الصحارى وما يليها، يُشير إلى أنّه قد تم اختيارها -وبشكل ثابت- لتكون مركزاً إدارياً بعد فتراتِ عدمِ الاستقرار السياسيِ. وبعد أن خدمت كعاصمة ومركزاً للمجموعات الجنائزيةِ الملكيةِ أثناء الدولة القديمةِ، تخلت منف -نسبياً- عن القوَّة والصدارة لصالح مُدنِ إقليميةِ أخرى مثل: ’هيراكليوﭙوليس‘ (إهناسيا المدينة)، ’هرموﭙوليس‘ (الأشمونين)، وطيبة (الأقصر)، وذلك قبل أن يَبعثَ ’أمنمحات الأول‘ الحياة والقوة والنشاط من جديد‏ في منطقةَ منـف بتَأسيس مقرّه الجديدِ في ’اللشت‘ (’إث تاوي‘ القديمة) زمن الأسرة الثانية عشرةِ (1994-1781 ق.م). وخلال الأسرة الثامنة عَشَرةِ (1549-1298 ق.م)، أصبحَت منـف ذات مكانة بارزة، ’كعاصمة ثانية للبلاد إبان الدولة الحديثة‘ على حد تسمية ’أحمد بدوي‘، بعـد -وربما حتى قبل- انتقال الملك ’إمنحوتب الرّابع‘/’أخناتون‘ (1360-1343 ق.م) إلى ’أخت أتون‘ (آخت-آتون) (العمارنة). وفي العصر المتأخر أصبحت مرة ثانية بيتَ القوَّةِ الملكيةِ، والغنيمة الرئيسية للجيوش المهاجمةِ الآشوريةِ والبابلية ومن سواهم. وقد ظلَّ ملوك البطالمة يُتَوَّجون في ’منـف‘، وقد اعتبرت المدينة المنافسَ المصريَ على المستوى الشعبي لمدينة الإسكندرية التي أَسّسَها اليونانيون المقدونيون. وفي العصر الروماني (30 ق.م-395 م) تَذْكرُ النصوصَ مدى كثرة القصورِ والانتشار الحضريِ لمنف، وهو ما بَقى حتى القرن الثامن أو التاسع بعد الميلاد، في ذلك الوقت التي استبدلَت منف عملياً بالمدينة الإسلامية ’الفسطاط‘ (القاهرة القديمة). وقد أُلحقت بالمدينة أشهر وأكبر جبانة في مصر؛ حيث سعى إليها ملوك مصر ليتركوا فيها أثراً تخليداً لذكراهم، وهي جبانة منف الشاسعة التي تمتد أكثر من ثلاثين كيلومتراً من ’أبو رواش‘ شمالاً، وبطول منطقة ’هضبة الجيزة‘ و’زاوية العريان‘ و’أبو صير‘ و’سقارة‘ بقطاعاتها الستة (الشمالي، الأوسط، الجنوبي، الغربي، قطاع هرم ونيس، وقطاع هرم تتي)، حتى صحراء ’دهشور‘ و’ميدوم‘ جنوباً على الضفـة الغربيـة، بينما تمتد لتشمل "المعادي" ومحاجر ’طـره‘-’المعصرة‘ و’العُمري‘ و’حلـوان‘ (عزبة الوالدة) على الضفـة الشـرقية للنيـل. وبالأخذ في الاعتبار هذا الامتداد الطويل على كلا ضفتي النيل، فإن منـف تُزوّدُنا عبره بدليلِ فريد على تاريخِ وحضارة مصر إبان عصر الأسرات والفترة الهيللينية. إنّ منطقةَ الأطلال الحاليةَ التي كانت تشغلها المدينة -وبالرغم من أنها مهملةِ في أغلب الأحيان- إلا أنها واحدة من أكبر مواقع مُسطحات الفيضان في مصر، باتساع 7 كيلومترات (4.5 أميال)، والتي قد امتدَّت ذات مرّة لتبلغ مسافة 10 كيلومترات على امتداد طول النهرِ.


تشيد المدينه

  • شُيِّدت المدينة -حسب التقليد السائد- في عهد الملك ’مينا‘ (نعرمر، مؤسس الأسرة الأولى)، حوالي عام 3150-3000 ق.م، دلالةً على توحيدِ مصر العليا والسفلى تحت قيادة واحدة، ولتُصبح عاصمة وطنية جديدة وأول عاصمة لمصر الموحدة. ذكرتها النصوص القديمة باسم ’إنـب حـﭻ‘ أي الجـدار الأبيـض (والذي اختصر إلى ’إنـب‘ أي الجـدار) و ’مـن-نفـر‘ أي ثابـت وجميـل و ’ميـت رهنـت‘ أي طريـق الكبـاش، وعشق الإغريق اسمها فأسموها ’ممفيس‘ وأطلقه أحفادهم في العالم الغربي على أسماء بعض مدنهم. كما وُصِفت بالكثير من الصفات والنعوت. وقد استمرت منف عاصمة لمصر حتى نهاية عصر الدولة القديمة (أي منذ الأسرة الأولى 3150 ق.م وحتى نهاية الأسرة الثامنة). ويَعْكسُ قرب جبانات حافةِ الصحراءِ من موقعِ الاستيطان شَغلهِ مِنْ هذا الوقتِ فقط، بالرغم من أن مستوطناتِ ما قَبْلَ الأسرات الهامة معروفة على الضفة الشرقيةِ، في المعادي إلى الشمالِ والعُمري قُرْب حِلوان إلى الجنوبِ. ولم يُحدّد حتى الآن بشكل مؤكد أي جزءَ من مستوطنةِ الوادي قبل عصر الانتقال الأول، بالرغم من أن العمل الجغرافي-الأثري الحالي يُحاولُ تَحديد تَغير اتجاه مسار النهرِ والمستوطنةِ إبان بواكير الأسرات (العصر العتيق) وعصر الدولةِ القديمةِ. ومنذ بداية التاريخ المصري القديم حتى نهايته، كانت ’منف‘ مركزاً للحضارة والتجارة. فكان لابد إذا أُريد حكم مصر كلها -بقطريها- بكفاءة، من اختيار هذا الموقع المتميز في منطقة اتصال الوادي بالدلتا، في تلك المنطقة التي تتوسطها مدينة القاهرة عاصمة مصر الحالية، على بعد حوالي 24 كم جنوبها. وقد كانت منف لفترات طويلة في التاريخ القديم هي عاصمة مصر الفعلية. كل ذلك مما ساعد على نموها عمرانياً وزيادة أعداد سكانها الذين قطنوا شتى مدن وقرى إقليمها المتناثرة بطول جبهتها النيلية الطويلة.


دور مدينه منف فى التاريخ المصرى القديم

  • وقد لعبت المدينة دوراً سياسياً ودينياً واقتصادياً هاماً طوال التاريخ المصري القديم، إذ لعبت دوراً هاماً في مراحل الصراع بين المعبودين ’حور‘ و’ست‘، ففي إحدى مراحل الصراع زادت قوة أتباع ’ست‘ -على الأقل- في منف مركز الحكم، الأمر الذي أدى بالملك ’ﭙر-إب-سن‘ خامس ملوك الأسرة الثانية من أن يضع ’ست‘ بدلاً من ’حور‘ على واجهة القصر الملكي (سرخ اسمه). ومنها خرجت إحدى نظريات خلق الكون لدى المصريين القدماء (نظرية ﭙتاح صاحب الأرض البارزة)، وفي نص تلك العقيدة المنفية المُدوّن على لوح الملك شباكا (الأسرة 25) بالمتحف البريطاني والذي تعود أصوله إلى العصر العتيق (الأسرتين الأولى والثانية)، نجد أن المعبود ’أوزير‘ (في السطر الثامن، والسطر التاسع عشر من اللوح) قد غرق عند شواطئ منـف وأن أخته وزوجته ’إيزة‘ وأختها ’نبت-حت‘ (نفتيس) قد انتشلتا جسده ثم دفنتاه في أرض منف، ومن ثم أصبحت منف مخزن غلال المعبود (أوزير) الذي يمد الأرضين بالغذاء؛ نتيجة للخصوبة التي اكتسبتها أرضها بدفن أوزير فيها، ذلك لأن أوزير كما كان يعتقد القوم هو مياه الفيضان الخصبة أو هو القوة التي تمنح الأرض الخصوبة والحياة، وبالتالي أصبحت منف تلك المدينة التي يُنسب إليها مكان غرق أوزير ودفنه، هي أخصب الأراضي المصرية قاطبةً، وهكذا أصبحت مخزن غلال المعبود التي تمد الأرض بالقوت. وفيها عُبِدَ الثـالوث الشـهير ’ﭙتاح ، سخمت، نفرتوم/إيمحتـﭖ‘، ولذا فقد حرص ملوك وحكام مصر على إقامة عدة معابد كُرِّست للرب ﭙتاح ولأعضاء الثالوث، لم يتبق منها سوى أطلال معبد ﭙتاح الكبير الذي يُعرف أحياناً باسم ’حوت-كا-ﭙتاح‘ (Hikuptah)، وهو أحد عِدّة أسماء للمدينةِ ومعبدِها، اشتق منه المسمى الإغريقي (اليوناني القديم) ’أيجوﭙتس‘، فأصبحَ يُطلق بشكل أشمل على البلد بأكمله (مصر). ومن كثرة ما وُجِدَ بها من مختلف الأرباب والربات المصرية والمعبودات الأجنبية وتقديس الملوك الحكّام وبعض الأفراد من الأسلاف، يكاد يُجزم المرء أنها بحق ’مدينـة الأربـاب في مصر القديمة‘، وأنه لا توجد مدينة مصرية قديمة أخرى يُمكن أن تُجاريها مع قِدَمِهـا الزمنـي وامتـداد العبـادة فيها مُنذ قُبيل الأسرات وفجر التاريخ وحتى العصر الروماني-البيزنطي. ويكفي للتدليل على تميزها لتميز العبادات القائمة فيها، الإشارة لمعبد ’آتون‘ بكوم القلعة وجهازه الكهنوتي والإداري من عهد ’إمنحتـﭖ الرابع/أخناتون‘ (1360-1343 ق.م) (الأسرة 18) والذي استمر -على أقل تقدير- حتى عهد ’سيتي الأول‘ (1296-1279 ق.م) (الأسرة 19)، وبالمثل المعبود-التمساح ’سوبك‘ المُسجّل -على أقل تقدير حتى الآن- منذ عهد ’سنوسرت الأول‘ (الأسرة 12) في نصوص معابدها، وظهر بشكل جليّ في الدولة الحديثة إذ تشير نصوص برديتين -أحدهما ’سالييه الرابعة‘ (pap. Brit. Mus. 10184 verso) من عهد ’رمسيس الثاني‘ (1279-1212 ق.م) (الأسرة 19) والأخرى ’هاريس الكبرى‘ (pap. Brit. Mus. 9999) من عهد ’رمسيس الثالث‘ (1185-1153 ق.م) (الأسرة 20)- إلى عبادته في أكثر من موضع بمدينة منف، وأيضاً وجود معبده في أحد أحيائها يحمل اسم ذلك المعبد. وقد استمرت عبادة ’سوبك‘ هناك حتى أواخر العصر البطلمي، بالقرن الأول قبل الميلاد -إن لم تكن قد استمرت بعد ذلك- ، مثلما تشير إلى ذلك بردية بالمكتبة الوطنية في ستراسبورج؛ إذ شُبِّهَ ’سـوبك-رع‘ فيها بمعبود منف الأشهر ’ﭙتـاح-تاتـنن‘. وقد عُثِرَ من معبد ﭙتاح على مقصورة شُيِّدَت في عهد ’سيتي الأول‘ (1296-1279 ق.م) ثان ملوك الأسرة التاسعة عشرة، ثم معبد آخر شيّده ابنه وخليفته المباشر ’رعمسيس الثاني‘ (1279-1212 ق.م)، ومنه خرج تمثال الملك الضخم من الجرانيت الوردي الذي كان يُزيّن ميدان رمسيس (محطة مصر بباب الحديد) في حين لا تزال أطلال المدينة تضم تمثال الملك رعمسيس الثاني الضخم الآخر الراقد الآن بمتحف "ميت رهينة" -المنحوت من الحجر الجيري الأبيض- والذي يعتبر آية في فن النحت في مصر القديمة. وقد أضاف لمعبد ’رعمسيس الثاني‘ المُكرّس للمعبود ﭙتاح؛ ابنه وخليفته المباشر الملك ’مرنـﭙتاح‘ (1212-1201 ق.م) وملوك آخرين، بالإضافة إلى معبد آخر من عهديهما. وهناك مجموعة تماثيل واقفة تحمل اسم ’رعمسيس الثاني‘، لكنها بعد دراسات متأنية اتضح أنها تخص الملك ’سنوسرت الأول‘ (1974-1929 ق.م) من ملوك الأسرة الثانية عشرة، بالإضافة للعديد من تماثيل ’رعمسيس الثاني‘ الساقطة أرضاً (شكل 5). كما تضم ميت رهينة ثاني أضخم تمثال لأبي الهول بعد تمثال الجيزة وهو منحوت من حجر الألبستر ويؤرّخ بعصر الدولة الحديثة، وأطلال معبد (مقصورة) للربة ’حاتحور‘ يرجع للأسرة التاسعة عشرة ويقع بأحد تلال المدينة الأثرية (كوم ربيع). ومعبد آخر لآمون فُقِدَ حالياً ولم نستدل عليه سوى من إحدى الصور النادرة. كما كانت المدينة تضم مجموعة من القصور للملوك: ’تحتمس الأول‘ (1503-1491 ق.م)، و’تحتمس الثاني‘ (1491-1479 ق.م)، و’تحتمس الرابع‘ (1398-1388 ق.م)، و’توت عنخ آمون‘ (1343-1333 ق.م)، و’سيتي الأول‘ (1296-1279 ق.م)، وابنه ’رعمسيس الثاني‘ (1279-1212 ق.م). كما لا يزال باقياً حتى يومنا هذا آثار أطلال قصر ابنه وخليفته المباشر الملك ’مرنـﭙتاح‘ (1212-1201 ق.م)، وهناك تظهر بوضوح أطلال قصر آخر للملك ’واح-إب-رع‘ (أﭙريس) (589-570 ق.م) من ملوك الأسرة السادسة والعشرين، والذي عُثِرَ على لوحته الشهيرة في معبد ﭙتاح. هذا القصر الأخير اُستخدم كمقر للحكم ومركزاً إدارياً منذ الأسرة السادسة والعشرين وحتى الأسرة الحادية والثلاثين، بل ربما استخدم من قبل المقدونين في بادء حكمهم لمصر بعد الإسكندر لمنف.






اثار المدينه

  • ومن آثار منطقة ميت رهينة (مدينة منف القديمة)، بالقرب من المعابد سالفة الذكر، معبد التحنيط الذي كان مخصصاً لتحنيط ثور منف المقدس ’حـﭖ‘ (أﭙيس) قبل دفنه في سيراﭙيوم سقارة، ويؤرخ المعبد بعصر الأسرة السادسة والعشرين، ولا يزال يضم بعد مناضد وأواني التحنيط. والى الجنوب من معبد التحنيط عثر على مقبرة (ضريح) لكبير كهنة منف الأمير ’شـشـنق‘ ابن الملك ’أوسركون الثاني‘ (877-838 ق.م) من الأسرة الثانية والعشرين، كما عثر كذلك بالقرب من معبد التحنيط على جبانة من عصري الانتقال الأول والدولة الوسطى بكوم الفخري يرى مكتشفها ’عبد التواب الحتـه‘ -كبير مفتشي المنطقة آنذاك- أنها كانت تضم ثلاثين مقبرة أشهرها مقبرتي ’إمـﭙـي‘ وكاهنة حاتحور ’إمـﭙـي-عنـخ‘ والذي يضم متحف المنطقة بابين وهميين خاصين بهما قدما من تلك المقابر وكانا محفوظين سابقاً في أحد مخازن سقارة. ورغم أن المدينة ظلت طوال التاريخ المصري القديم تتبوأ مكانة مرموقة، إلا أنها دخلت في بعض الفترات في دائرة النسيان وأصابها الزحف العمراني والزراعي وعبث الإنسان .. ولا يمكن للمرء أن يتصور أن مدينة بهذه الأهمية وبهذا التاريخ الطويل لم يتبق فيها سوى أطلال لبعض منشآت تتناثر هنا وهناك. ولعل بعض ضربات الاحتلال الأجنبي لمصر القديمة قد أصابت منف إصابات مباشرة، فاحتلال ’ﭙـعنخي‘ (752-721 ق.م) (أحد ملوك مملكة ’نباتا‘ بالسودان القديم ومؤسس الأسرة الخامسة والعشرين بمصر) وسيطرة الآشوريين على المدينة على يد ’أسـرحدون‘ (680-669 ق.م) وابنه ’آشـور ﭙنيـبال‘ (668-627؟ ق.م) ثم البابليين على يد ’نبوخذ نصر الثاني‘ (605-562 ق.م)، أدت إلى تدمير ونهب المدينة. ثم كانت الضربة القاسية على يد الملك الفارسي ’قمبيـز (الثاني)‘ (525-522 ق.م) ابن ’كـورش‘ الأكبر، الذي طبقاً للمصادر الكلاسيكية الإغريقية والرومانية قد خرّب المدينة وقتل كهنة المعبود ’ﭙتاح‘ وقتل ثور منف المقدس ’حـﭖ‘ (أﭙيس)، بخلاف سياسة ابنه ’دارا الأول‘ (521-486 ق.م) المتسامحة مع المصريين وديانتهم. ولقد اعتقد بعض الباحثين أن مدينة ’صا الحجر‘ (سايس، مركز بسيون-محافظة الغربية) -وهي عاصمة ’نيت-محيت‘ (خامس أقاليم مصر السفلى)- قد سُمّيت ’حات إنبـو-حـﭻ‘ أي ’قصـر الحائـط الأبيـض‘، وهو اسم المقر الملكي في منـف الذي ربما نقله إلى ’صا الحجر‘ ملوك الأسرة السادسة والعشرين حيث اتخذوا من الأخيرة عاصمة لهم. وقد أخطأوا في اعتقادهم هذا، لأن مسمى ’حوت إنبـو-حـﭻ‘ (قصر الحائط الأبيض) هو مسمى قصر الملك ’واح-إب-رع‘ (أﭙريس) (589-570 ق.م) -من ملوك الأسرة السادسة والعشرين- الواقع في الجانب الغربي من عزبة الجابري (تل عزيز، كوم طومان، كوم دافبابي) والتي تُمثّل الحد الشمالي-الشرقي لقرية ’ميت رهينة‘، الذي استخدم قصراً ملكياً ومقراً للحكم والإدارة منذ عهد هذا الملك وحتى نهاية فترة الحكم المصري وبداية العصر البطلمي؛ حيث أُعيد استخدام هذا القصر كمقر ’للاستراب‘ (الوالي) الفارسي إبان الاحتلال الفارسي الأول والثاني لمصر (الأسرتين السابعة والعشرين والحادية والثلاثين) ولملوك الأسرات الوطنية من أمثال ’ﭽد-حور‘ (تيوس) (إري-ماعت-ن-رع) (365-360 ق.م) (الأسرة الثلاثين) و ’خاباباشا‘ (الأسرة الحادية الثلاثين)، كما استخدم ذلك القصر مقراً للحكم أيضاً بعد غزو الإسكندر لمصر وفتحه لمدينة منف ودخوله معبد ﭙتاح بالمدينة، حيث استقر فيه الوالي ’ﭙطلميوس بن لاجوس‘ وأعاد استعماله كمقر للحكم قبل نقل عاصمته ومقر حكمه إلى الإسكندرية – كما سيلي تفصيله لاحقاً. وقد زار ’الإسكندر الأكبر‘ (الثالث)، ابن ’فيليـﭖ الثاني‘ المقدوني، منفَ عند غزوه لمصر (332-323 ق.م)، وحاول أن يخلف في نفوس المصريين عامة –وقاطني منف خاصة- الأثر الطيب بعد ما عانوه من جراح عنيفة جِرّاء الاحتلال المتكرر. فبعد اتجاهه إلى ’منف‘ حيث كان أسطوله ينتظره في مينائها، وتسلُّم المدينة من الوالي الفارسي ’مازاكيس‘ الذي لم يُبد أي مقاومة، قدّم القرابين لكافة المعبودات المصرية الكائنة في معابدها ودفع الجزية لثورها المقدس ’حـﭖ‘ (أﭙيس)؛ حيث أعاد إليها الحياة وأُقيمت له بها مباريات رياضية وفنية وموسيقية احتفالاً بتتويجه فيها في معبد ﭙتاح -حسبما يُرجّح- على نهج الفراعنة القدماء. ولقد استحب معظم ملوك البطالمة (كالخامس ’إﭙيفانس‘؛ الثامن ’يورجتيس الثاني‘؛ العاشر ’ألكسندر الأول‘؛ والثاني عشر ’نيوس ديونيسوس‘، ’الزمّار‘، بواسطة كبير كهنة منف ’ﭙـا-شري-ن-ﭙتاح‘: Stela BM 886) التتويـج في معابـدها، وأن يكون اسم ربها ﭙتاح جزء من أسمائهم، وبالمثل فعل بعض الأباطرة الرومان. وكان ذلك استمراراً على نهج بعض ملوك مصر القديمة في اتخاذ أسماءاً تتضمن نعتاً مرتبطاً باسم المعبود ’ﭙتاح‘ (مري-<ن>-ﭙتح: ’محبوب ﭙتاح‘؛ خعي-ن-ﭙتح: ’المُشرق مثل ﭙتاح‘؛ سا-ﭙتح: ’ابن ﭙتاح‘؛ ستـﭖ-ن-ﭙتح: ’المصطفى/المختار من ﭙتاح‘)، من أمثال الملوك: سيتي الأول-مرنـﭙتاح ، وحفيده مرنـﭙتاح ’المشرق مثل ﭙتاح ...‘، و سيتي الثاني-’مرنـﭙتاح‘، و رعمسيس-ساﭙتاح، و ساﭙتاح-’مرنـﭙتاح‘ . كما انتسبت الملكة ’إيزة-نفرت‘، زوجة ’رعمسيس الثاني‘، بالأسرة التاسعة عشر إلى المدينة فعُرِفت بـ ’ابنـة مدينة منـف‘، وكذلك انتسب إليها ’ﭙطلميوس المنفي‘ لولادته فيها إبان احتفالات تتويج والده ﭙطلميوس الثامن ’يورجتيس الثاني‘ (170-163 ق.م، و 145-116 ق.م)، مثلما كانت موطن وُلاِدَة الملك ’إمنحتـﭖ الثاني‘ (ابن’تحتمس الثالث‘) ومقر إقامة ومكان وفاة ابنه الملك ’تحتمس الرابع‘ في منتصف الأسرة الثامنة عشر. وعندما استقر البطالمة في مصر بعد فتح الإسكندر لها، وبعد وفاته، أصبحت من نصيب قائده ’ﭙطلميوس بن لاجوس‘، الذي استقر أولاً في منف في حوالي 7 نوفمبر عام 305 ق.م قبل أن يصبح ملكاً باسم ’ﭙطلميوس (الأول) سوتير‘، وذلك لأن منف قد احتفظت بأهمية مسيطرة باعتبارها مركزاً دينياً وإدارياً في نظر كل من المصريين والأجانب، وجارى ﭙطلميوس بإقامته فيها التقاليد السائدة في ذلك الوقت، وكان أيضاً وبلا شك يستجيب لدواعٍ ذات طابع عسكري: فقد كانت منـف بحكم موقعها على رأس الدلتا ملتقى للمواصلات، وكانت تتميز بموقع استراتيجي يصلح لصد غزو كان مصدره سوريا. واحتفظ ﭙطلميوس في منف بمقر قيادته العامة لمدة عشر سنوات تقريباً. ومنها قام ’ﭙطلميوس الأول‘ (سوتير) بتوجيه مسار الموكب الذي كان يقوم بتوصيل رفات ’الإسكندر‘ من بابل (العراق) إلى مقدونيا (اليونان)؛ حيث يُقال أنه قام بدفنه في منـف، فاستقرت رفاته (مومياء الإسكندر) فيها لعام أو أكثر انتظاراً لإعداد مقبرته في الإسكندرية قبل أن تُنقل إلى قبره -غير معرف حتى الآن أين يقع- في عهد ﭙطلميوس الثاني إلى تلك الأخيرة. ومما يُدلل على استمرار أهمية ’منف‘ (دينياً واقتصادياً واجتماعياً) إبان ذلك العصر ما جاء ببردية Demotic Chronicle ’سفر الأخبار الديموطيقي‘ (Pap. Oxyrinchus XXII. 2332, II, 1-75) التي ترجع إلى فترة الثورة التي حدثت في عهد ’ﭙطلميوس الرابع‘. والبردية في الواقع عبارة عن مجموعة من النبؤات تصحبها تفسيرات لا تقل عنها غموضاً، من بينها واحدة عن تحرير البلاد وخلاصها على يد أحد المصريين وطرد الأجانب والإغريق منها. وأهم ما يُميزها -في هذا المقام- ما جاء بها عن أهمية مدينة منـف مقارنة بـ ’مدينة الغرباء‘ (الإسكندرية) حيث: ’.... سـتعود المعبودات إلى منـف، وسوف تصبح المدينة التي بجوار البحر (الإسكندرية) مكاناً جافاً يُجفف فيه الصيادون شباكهم، لأن المعبودات سوف تغادها إلى منـف.. تلك المدينة التي تُطعـم الجميـع والتي ينـزلها البشـر من كل الأجنـاس‘ (Pap. Oxy.XXII.2332, II, 33-34). ومن الأحداث الهامة التي ارتبطت باسم المدينة وحدثت على أرضها اجتماع الكهنة 26 مارس عام 196 ق.م ليسجلوا شكرهم للملك ﭙطلميوس الخامس ’إﭙيفانس‘ (205-180 ق.م) تقديراً لما أغدق عليهم وعلى معابدهم، وقد سجلوا قرارهم بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، الذي نُسخ على عشرات من الكتل الحجرية، وشاء حسن حظنا أن تعثر الحملة الفرنسية على إحدى نُسخه عام 1799 م أسفل قلعة رشيد، تلك النسخة التي بفك رموزها بدأ علم المصريات، لينجلي الغموض عن الحضارة المصرية القديمة. هذا وإن كان Heinz-Josef Thissen يرى -مُتّبعاً القرائن والأدلة التي ساقها Ludwig Koenen - في تاريخ (17 أمشـير = 26 مارس) نقلاً عن النص الديموطيقي لحجر رشيد، وليس في مقابله الهيروغليفي (17 ﭙـاؤفي) على نفس الأثر، يرى فيه -خلافاً للمعتاد- تاريخاً لتتويج ’ﭙطلميوس (الخامس) إﭙيفانس‘ ملكاً بواسطة كبير الكهنة في معبد منف. كما بدأ الطلبة اليونانيين، في عهده، في الاختلاط بدور العلم المصرية الملحقة بالمعابد الكبرى في مدينة منف. ورغم صمت المصادر أو المراجع -في الغالب- لواقع منف وأحوال المدينة في العصور البطلمية والرومانية بشيء من الوضوح، إلا أنه من خلال الاكتشافات الأثرية عُثر على بعض الآثار التي ترجع إلى العصر البطلمي، وإضافات أخرى ترجع إلى العصر الروماني، وهو ما كشفت عنه الطرز المعمارية لرؤوس وتيجان بعض الأعمدة التي عُثر عليها بالموقع، والتي تضمنها متحف ميت رهينة، مما يدلنا على أن المدينة كانت عامرة بالمعابد والقصور والمباني العظيمة، حتى نهاية العصر الروماني في العقود الأخيرة من القرن الثالث الميلادي والعقود الأولى من القرن الرابـع الميلادي.


مكانه مدينه منف

  • إن عظمـة منـف القديمـة وما بلغته بين مدن مصر القديمة لأمر تشهد عليه الأجيال المتعاقبة. فقد عاشت على مر العصور في ذاكرة الأمة. ويكفينا مثلاً على ذلك تعلّق قدماء المصريين بها فقرضوا الشعر والنثر في جمالها ومفاتنها الطبيعية، وخضم المعبودات المصرية والأجنبية بها، وما كان يعتري أحيائها المختلفة وسكانها متنوعي الجنسيات من بهجة عارمة إبان الأعياد بشتى أنواعها. فمن حـب المصـريين الشـديد لها -على سبيل المثال لا الحصر- ما جعل العديد منهم، وفي عصور مختلفة (منذ الدولة القديمة وحتى العصور المتأخرة)، يُطلـق أحـد أسمائهـا الشـهيرة على أطفالهم سواء كانوا ذكـوراً أم إناثـاً. فمنذ الدولة القديمة، هناك مَنْ تضمَّن اسمه اسم ’مـن-نفـر‘، وهو الاسم الأشهر للمدينة الخالدة ’منـف‘ والذي اُشتقّت منه صيغ اسمها المختلفة في أغلب اللغات القديمة وعن صورته اليونانية انتقل إلى اللغات الحديثة. فمنذ عصر الأسرة السادسة، وهناك مِنَ الرجال مَنْ تسمّوا ’عنـخ ﭙﭙـي م مـن-نفـر‘ أي ’يحيى (الملك) "ﭙﭙـي" في "مـن-نفـر" (منـف)‘ ، أو في صورته المُختصرة إلى ’ﭙﭙـي "مـن-نفـر" (الهرم، الثابت والجميل)‘. وحملت سيدة من الدولة الوسطى(؟) اسم ’مـن-نفـر‘ مُنفـرداً، بينما حملت بعض السيدات في الدولتين الوسطى والحديثة اسم ’تـا-نـ.ت مـن-نفـر‘ وترجمته ’(تلك) الـتي مِـنْ "مـن-نفـر" (منـف)‘ . كما دخل هذا الاسم في أسماء الإناث في الدولة الحديثة مثلما حدث مع الزوجة التي تُدعى ’حـا "مـن-نفـر"‘ الواردة على لوحة من الحجر الجيري بالمتحف المصري من عهد ’أخناتون‘ (الأسرة 18) ، وهذا الاسم ربما يُمكن مقارنته -من عصر الدولة الحديثة أيضاً- باسم السيدة ’نـﭽـم "مـن-نفـر"‘ ومعناه (حـلاوة/ عـذوبة منـف) أو (نسـيم منـف العليـل)، كما نعرف مِنْ سيدات الدولة الحديثة مَنْ حملت اسم ’حريـ.ت-إب مـن-نفـر‘ أي ’التي في قلب "مـن-نفـر"‘ (الساكنة منـف). وكما حملت النساء آنذاك اسم ’مـن-نفـر‘ (منـف) في أسمائهن، كذلك حمله بعض الذكور في عصر الدولة الحديثة ونعرف منهم مَنْ تسمّى ’ﭙـ(ـاي)-ن-"مـن-نفـر"‘ أي ’(ذاك) الذي من/المنتمي إلى منـف‘ ، وكذلك منهم مَنْ عُرِفَ باسم أو ’مـر-مـن-نفـر‘ أي ’مُحـب "مـن-نفـر" (مدينـة منـف)‘، وأيضاً مَنْ حَمِلَ اسم ’رع-[م]-"مـن-نفـر"‘ وترجمته ’(المعبود) رع [في] "مـن-نفـر" (منـف)‘ ، وكذلك مَنْ حَمِلَ اسم ’خعـي-م-مـن-نفـر‘ أي ’المُشـرق في "مـن-نفـر" (منـف)‘. أما في زمن الأسرة الثامنة عشرة على وجه التحديد، هناك مِنَ الذكور مَنْ تسمّى ’جـرج "مـن-نفـر"‘ ، وكلمة ’جرج‘ تعني إنشاء أو تأسيس بوجه عام ومن بين معانيها تأسيس وإنشاء مدينة أو إقليم بوجه خاص ، فيكون معنى الاسم هو: ’مؤسّـس (مدينة/إقليم) "مـن-نفـر" (منـف)‘. في حين حمله من الذكور في عصر الأسرة السادسة والعشرين المدعو ’واح-إب-رع [م] مـن-نفـر‘ أي ’(الملك) "واح-إب-رع" (أﭘريس) [في] مـن-نفـر (منـف)‘ ، كما حمله من ذكور العصر المتأخر مَنْ يُعرف باسم أو ’عر(و)-حـﭖ-(ر)-مـن-نفـر‘ ومعنى اسمه ’(ذاك) الذي يُحضر (يَقتاد ثور منف المقدس) حـﭖ (أﭙيس) إلى "مـن-نفـر" (مـنـف)‘ ، ومِنْ نساء العصر المتأخر مَنْ تُدعى ’تـا-ديـ(.ت)-ﭙـا-(ن)-"مـن-نفـر"‘ وترجمته ’(تلك التي هي) عطيـة "مـن-نفـر" (منـف)‘ والأرجح أن المقصود هنا هو أن تلك السيدة هي عطية وهبة من المعبود ﭘتاح رب منف. ويُلاحظ أن دخول اسم ’مـن-نفـر‘ ضمن أسماء الأفراد، كان مرتبطاً بالذكور فقط في الدولة القديمة، ثم غلب عليه إبان عصر الدولة الوسطى كونه أكثر ارتباطاً بالإناث منه بالذكور (إن لم يكن قِصراً عليهن فقط)، أما في الدولة الحديثة فقد تساوى تقريباً كل من الرجال والإناث في حمل اسم المدينة، بينما يغلب انفراد الذكور به إبان عصر الأسرة السادسة والعشرين والعصر المتأخر عموماً. وعلاوة عليه، يتميز عصر الأسرة السادسة والعشرين بمَنْ تسمّوا باسم منف الأقدم - وهو ’إنـب-حـﭻ‘ ومعناه (الجدار الأبيض) أو (الحصن الأبلق). فكان هناك مِنَ الذكور مَنْ عُرِفَ باسم ’نكـاو-مـن-م-إنـب-حـﭻ‘ أي ’(الملك) "نكـاو"، يبقـى في إنـب-حـﭻ (الجدار الأبيض)‘ . بينما كان هناك مَنْ حمل اسم المدينة هذا سواء في صورته الكاملة أو صورته المختصرة ’إنـب‘ أي (الجدار) ومنهم نَعرِفُ: ’إعـح-مـس مـن م إنـب-حـﭻ‘ أي ’أحمـس الخالد/الثابت في إنـب-حـﭻ (الجـدار الأبيـض) ‘ وكانت صورته المختصرة أو ’إعـح-مـس مـن (م) إنـب‘ أي’أحمـس الخالد (في) إنـب (الجـدار) ‘ . وكذلك هناك مَنْ تسمّى فقط بالصورة المختصرة لاسم المدينة ’إنـب‘، ونعُرِفَ منهم ’نفـر-إب-رع مـن (م) إنـب‘ أي ’(الملك) "نفر-إب-رع"، الخالـد (في) إنـب (الجـدار)‘ . أما في أسماء الذكور في العصر المتأخر، فلدينا المدعو ’دد-م(؟)-....‘ والذي لم يتمكن ’رانكه‘ لا من قراءته كاملاً أو ترجمته، لكننا نلحظ جيداً في آخره كلمة ’إنـبـو‘ أي ’الجـدران‘ وهي الصيغة المختصرة (في حالة الجمع) لاسم منـف القـديم. في حين مِنْ أسماء الإناث في العصر المتأخر(؟)، ما جادت علينا به سقارة (الجبانة الكبرى لمنف)، فنعرف منهن السيدة أو ’ثـاو-ن-إنب-حـﭻ‘ والتي ربما يكون معنى اسمها ’نسـيم(؟) الجـدار الأبيـض‘. ومن المُلاحظ، أن هذا الاسم الأقدم لمنف قد دخل بصورة عامة في تركيبة أسماء الرجال أكثر منه في أسماء الإناث إبان زمن الأسرة السادسة والعشرين، مع حالات قليلة لظهوره في أسماء بعض السيدات إبان العصر المتأخر. وقد جاء استخدام الاسم الأقدم متلائماً مع اتجاهات ذلك العصر (العودة للقديم). أما ’عنـخ-تـاوي‘، الحي الغربي لمدينة منف والذي أُطْلِقَ اسمه فيما بعد على المدينة كلها، ومعناه (حيـاة الأرضـين) إشارةً إلى دور منـف في مدّ جميع البلاد المصرية بالغلال ومعها بالحياة لاحتوائها على الشونة المزدوجة. أَخَذَ اسم هذا الحي يدخل ضمن تركيبة أسماء الذكور في العصر المتأخر، فسجّلت إحدى لوحات ثور منف المقدس ’حـﭖ‘ (أﭙيس) بمتحف اللوﭬر (باريس) اسم المدعو ’مر-ﭘتح-سثـ.ت-نبـ(.ت)-عنخ-تا.وي‘ أي ’(المعبود) ﭙـتاح يُحب (المعبودة) سـاتت ربـة "عنـخ-تـاوي"‘ ، لكن الباحث "باسم سمير الشرقاوي" لا يعتقد أن الربة ’ساتت‘ – وهي أحد أعضاء ثالوث الجندل الأول بأول أقاليم مصر العليا – قد عُبِدت في منف ولا في أحد معابد أو مقاصير حي ’عنخ-تاوي‘ الغربي، بل يختلف مع ترجمة ’رانكه‘ ويتفق مع ’ﭼان فيركوتير‘-مترجم تلك اللوحة المؤرخة بالعام السابع والثلاثين من عهد ’ششنق الخامس‘ أحد ملوك الأسرة الثانية والعشرين- وذلك في أمرين : أولهما أن تلك الربة هي ’شـسمتت، ربـة عنـخ-تـاوي‘التي عُبِدت في منف منذ العصر العتيق واستمر كهنوتها بالمدينة منذ بداية عصر الأسرة الرابعة وحتى الأسرة السادسة والعشرين على أقل تقدير حيث عُبِدت وقتذاك في أحد معابد أو مقاصير ذلك الحي الغربي، وثانياً أن الجزء الأول من الاسم لدى ’رانكه‘ وهو ’مر- ﭘتاح ‘ يُعدَّ الاسم بأكمله وقد صححه ’فيركوتير‘ إلى ’مر[ن]-ﭘتاح‘ وكان كاهناً لتلك الربة وابناً للكاهن ’نس ون-نفر‘. كما أن لقب كبير كهنة منف وربها الأعظم ﭘتاح (وهو ’ور-خرﭖ-حمو(.و)ت‘ وترجمته ’عظيم رؤساء الحرفيين‘) اُستُخّدِمَ كاسم للذكور أثناء عصر الدولة الحديثة (الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة) ، ويُعد هذا الاستخدام الأقدم بين الحالات الأخرى التي اُستُخّدِمَ فيها ألقاب كبار كهنة مصر القديمة كأسماء للأفراد (الذكور) .


ماورد عن المدينه فى المصادر المصريه القديمه

  • وبخلاف ما ورد عن ’منـف‘ في المصادر المصرية القديمة – وآخرها ما ورد إبان العصر البطلمي لدى مؤرخنا المصري الكاهن ’مانيتـون‘ السمنودي، فإن عظمـة منـف القديمـة (قرية ميت رهينة ومجاوراتها) وما بلغته من شأن ورفعة بين مدن مصر والعالم القديم تتجلى في أنه لم تخل أي من مصادر العصور القديمة أو الوسطى أو الحديثة من ذكرها، سواء عن موقعها وجغرافيتها ومساحتها، أو تاريخها، أو آثارها ومعالمها السياحية الهامة، أو عقائدها القديمة وأربابها، أو حتى مَنْ زاروها في غابر الزمان أو حديثه. فقد تواتر ذكر اسمها المشتق من اسم معبدها الشهير (حـوت-كـا-ﭙـتاح) مُصحّفاً بالخط المسماري (حـي كـو ﭙـتاح) في المصادر العراقية القديمة. كما وردت في العديد من كتب الأنبياء في العهد القديم، فنجدها لدى ’هوشـع‘ و’إشـعيا‘ و’إرميـا‘ و’حزقيـال‘ -على الترتيب- في القرون من الثامن إلى السادس قبل الميلاد، وربما لدى غيرهم من الكُتّاب في أسفار العهد القديم المختلفة! ومثلما تعاقب على ذكرها الكُتّاب الكلاسيكيون من أمثال "أبو التاريخ" الإغريقي ’هيرودوت الهاليكارناسوسي‘، والمؤرخ ’ديودور الصقلي‘، والجغرافي الإغريقي ’استرابون البونتي‘، والمؤرخ الإغريقي المولد الروماني الجنسية ’ﭘلوتارخ الخايروني‘، والروماني ’ﭘليني الأكبر‘، والمؤرخ ’إيليان‘ والكاتب اليوناني ’لوسيان‘ – وربما ذكرها قبلهم جميعاً مُبدع ملحمتي ’الإلياذة والأوديسة‘ الشاعر ’هوميروس‘ (!). كذلك تعاقب على ذكر منف الإخباريون المسلمون وكُتّاب المصادر التراثية في العصور الوسطى والحديثة، فتتبعوا أخبارها وما يخُصّها منذ القرن الثاني وحتى بدايات القرن الرابع عشر الهجريين (القرون من الثامن إلى التاسع عشر الميلاديين)، بعضهم مقتضباً، في حين أسهب البعض الآخر. وليس كما يُخيّل للبعض أن تلك المصادر التراثية لا يُمكن أن تُعدَّ مرجعاً لمعلومات آثارية، بل هي حقاً ملئَ بالغثِّ والثمين جنباً إلى جنب، مما يجب مُلاحظته والتفكير فيه والأخذ ببعضه. فمن عصر الولاة في مصر (ولاة الخلافة الإسلامية)، لدينا المُؤرّخ ’ابن عبد الحكـم القرشي‘ (ت 257 هـ). ومن عصر الدول المستقلة: لدينا المؤرخ ’اليعقـوبي‘ (ت 280 أو 284 هـ) والجغرافي ’ابن الفقيـه الهمـذاني‘ (ت 290 هـ) وكلاهما من عصر الدولة الطولونية، ولدينا من عصر الدولة الإخشيدية الفقيه المُؤرّخ ’ابن زولاق‘ (ت 387 هـ) والذي عاصر أيضاً الحكم الفاطمي لمصر، أما من العصر الفاطمي ذاته لدينا القاضي والفقيه الشافعي ’القُضَـاعي‘ (ت 454 هـ). بينما من العصر الأيوبي: الجغرافي ’ياقوت الحموي‘ (ت 626 هـ)، والمؤرّخ ’عبد اللطيف البغـدادي‘ (ت 629 هـ)، وآخرهم كان المُؤرّخ-الجغرافي ’القزويـني‘ (ت 682 هـ) والذي عاصر أيضاً الحكم المملوكي لمصر. أما إبان العصر المملوكي ذاته، لدينا: الأديب والمؤرخ ’القلقشـندي‘ (ت 821 هـ)، وموُرّخنا المصري ’المقريـزي‘ (ت 845 هـ)، و’ابن ظهـيرة‘ (ت 885 أو 891 هـ)، وأخيراً المُؤرّخ والبحّاث المصري ’ابن إيـاس‘ (ت 930 هـ) والذي كان مُخضرماً فعاصر الحكم العثماني لمصر. وفي العصر العثماني، هناك: ’الأمير أحمد الدمرداشي كتخدا عزبان‘ (المتوفى 1169 هـ ؟ أو بعدها). ومن المخضرمين الذين عاصروا نهاية الحكم العثماني لمصر وحَدثَ الحملة الفرنسية واعتلاء محمد علي باشا الكبير سُدَّة الحُكم فيها (1805-1848 م) وتأسيسه للدولة الحديثة في مصر، نجد مؤرخنا ’عبد الرحمن الجـبرتي‘ (ت 1240 هـ) الذي في إطار هذا تحدث عن مدينة منف (قرية مائة رهينة) وعظمتها تيَمُّناً بالماضي التليد من أجل حاضر ومستقبل مُشرقين. هذا بخلاف ’ابن خرداذبه‘ (ت 260 هـ)، ’عبد الرحمن القيسي‘، ’أبو الصلت أُميّة الأندلسي‘، ’ابن الأنباري‘، ’ابن مماتي‘ (ت 606 هـ)، و’إبراهيم بن وصيف شاه‘، وغيرهم مِمَنْ لم تتح الفرصة لذكرهم سواء لبساطة إسهاماتهم أو لفقدان مؤلّفاتهم التي حَوت فيما حوت ذكر منف وأطلالها. أما إبان حكم أُسرة محمد علي لمصر، وتحديداً في الفترة الخديوية-السلطانية، نجد على الترتيب: ’جمال الدين الأفغاني‘ (ت 1314 هـ/ 1897 م) الذي أُعجِبَ بعظمة تلك المدينة وأكّد على ذلك في كتاباته، ثم ’علي باشا مُبارك‘ (ت 1311 هـ/ 1893 م)، وأخيراً وليس آخراً ’أحمد باشا كمال‘ (ت 1341 هـ/ 1923 م) أبو الآثاريين المصريين.


اهتمام الاجانب بمدينه منف

  • وطوال تلك الفترة الممتدة من القرون الوسطى إلى العصور الحديثة والمعاصرة، اهتم الأجانب أيضاً بمنف وبزيارتها. فنجد من العصور الوسطى ’وليم الصوري‘ و’بنيامين من توديلا‘ و’ﭼوس ﭬان غيستل‘. أما مِن عصر النهضة الأوربية وما تلاها، هناك مَنْ كان مُجرّد سائحاً وزائراً لها أو مَنْ كان باحثاً أو مُنقباً. فلدينا على الترتيب في القرون من السادس عشر إلى الثامن عشر الميلاديين: ’فرانسوا من ﭘـاﭬـي‘ الذي حاول التعرف على الموقع ومُطابقته بما جاء في المصادر التاريخية والكلاسيكية، و ’اندرييه تيفه‘ عالم الجغرافيا الفرنسي، و’ﭼون جرِفـز‘ عالم الرياضيات والفلك البريطاني، و’لتيليه‘ الرحالة وجامع الآثار البريطاني، و’فورمون‘ الباحث والرحالة والمترجم الملكي الفرنسي، و’ساﭬـاري‘ الرحالة والمستشرق الفرنسي. وقد تَوّجت أعمال البعثة العلمية المُصاحبة للحملة الفرنسية على مصر (وعلى رأسهم العلماء ’ﭽومـار‘ و’ريفـو‘ و’ديـﭙـو‘) مُحاولاتهم وأثرتها بالخرائط والصور والمعلومات. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، تحوز منف على زيارات وتسجيلات: الإيطالي ’كافيجليا‘ ومعه ’ستون‘، والإيطالي ’روزليني‘، والفرنسي ’شامـﭙليون‘، وغيرهم مِمَنْ خلّفوا لنا مِنَ الأوراق والملاحظات ما أمدنا بالعديد من المعلومات عن آثار فُقِدت بفعل عوامل وعوادي الزمن، مِنْ أمثال البريطانيين ’ويلكينسون‘ و’بورتون‘، وأيضاً ’لاملي‘ و’هوريو‘. وكان مجيئهم جميعاً فاتحة عصر جديد لمنف وبعثها من رِقاد موتها بعد طول هجر، عصر الاهتمام العلمي بأطلال المدينة الأثرية وتسجيلها تسجيلاً علمياً مُوثّقاً، فَقَدِمها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي على الترتيب: النمساوي-الألماني ’لـﭙسيوس‘ مع أفراد بعثته العلمية التسجيلية البروسية، ثم ’بونومي‘، كما عمل بها وقتذاك أمريكي الأصل تُركي المولد ’حكيكيان‘ لصالح الحكومة المصرية، كما قَدِمها كذلك وسجّلوا آثارها الزوجان الألمانيان ’يوهان‘ و ’أليس ليدر‘ (وبخاصة الزوجة)، والنمساوي-الألماني ’بروجش‘. فكانت تسجيلاتهم وملاحظاتهم العلمية سبباً في أن تُصبح المدينة محطًّ لأنظار المنقبين، سواء طمعاً في الآثار والكنوز والشهرة أو طلباً للعلم، فأصبحت منف (قرية ميت رهينة ومجاوراتها) موقعاً للحفائر الأثرية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي حتى يومنا هذا؛ إذ تعمل حالياً البعثة الروسية (2001 – يناير 2007 م) بموقع ’عزبة الجابري‘ في شمال قرية ميت رهينة، في حين تعمل البعثة الإنجليزية بموقع ’تبّـة الجيش‘ في ’كوم السبخا‘ بجنوب القرية. وإن جادت المدينة بالقليل مُقارنةً بغيرها من المواقع الأثرية الأخرى في مصر، إلا أن هذا القليل يُعدّ ذو أهمية بالغة سواء في كتابة التاريخ المصري القديم بوجه عام أو تاريخ المدينة خاصةً. فقام على حفائرها الجيولوجي ’هورنر‘، والآثاريون: الفرنسي ’ماريت‘، والبريطانيون ’نيكلسون‘ و ’ستيفنس‘ و’باجنولد‘، والفرنسي ’ماسـﭙرو‘، والمصري جزائري الأصل ’دانينوس باشا‘ والفرنسي ’دارسي‘، والبريطانيان ’كيويبل‘ و’إدجار‘. لكنَّ الحفائر العلمية المنظمة والأكثر فعالية بموقع مدينة منف القديمة جاءت على يد البريطاني ’ﭘتري‘. ومِن بعده على يد عدة بعثات تابعة لجامعات ومعاهد علمية تناوبت عملها وحفائرها بالموقع كحفائر بعثات جامعة ﭘنسلـﭭانيا وهيئة الآثار المصرية وجامعة القاهرة والبعثة الفرنسية، وكان ذلك برئاسة وعضوية علماء من أمثال: الأمريكيان ’هال‘ و’فيشر‘، المصريون ’حمادة‘ و’الأمير‘ و’بدوي‘ و’حبشي‘، والفرنسي ’ليكلان‘، والألماني ’أنتس‘ والأمريكي ’ﭼون ديميك‘، والمصريان ’البكري‘ و’جاب الله‘، وجمعية استكشاف مصر برئاسة وعضوية كل من ’ﭼيفريز‘ و’سميث‘ و’مالك‘ و’جيدي‘. وكان نتيجة كل أعمال المسح والتسجيل والتنقيب التي تمت بموقع مدينة منف القديمة، أن أمدتنا الحفائر بكمٍّ هائل من الآثار الثابتة والمنقولة، تداول النوع الأخير منها (آثار منف المنقولة) حتى زخرت به المتاحف المصرية والعالمية ، سواء ما يتم عرضه أو ما تم حفظه في مخازنها.


المراجع


  • أحمد (بك) كمال، ’تاريخ مدينة منف‘، في المقتطف 22 (سنة 1898 م)، 830 و 905؛
  • أحمد (بك) كمال، ’تاريخ مدينة منف‘، في المقتطف، 23 (سنة 1899 م)، 41؛
  • أحمد (باشا) كمال، الـدُر النفـيس في مدينـة ممفـيس ( [القاهرة]، طبعة 1910 م)؛

فادية محمد أبو بكر، مـنـف في العصر البطلمـي، ماﭽستير غير منشورة في الآداب من قسم الحضارة اليونانية والرومانية، إشراف: أ.د/ مصطفى عبد الحميد العبادي، كلية الآداب (جامعة الإسكندرية، 1977)؛




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltamiz.yoo7.com
 
مدينه منف واثارها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منـتـدى التميــــــ لكل ماهو جديد ـــــز :: منتدى طلاب جامعة المنصورة :: ابحاث جامعيه-
انتقل الى: